سورة الأنعام - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


قوله عز وجل: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دَونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوَاْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} يعني اعتداء، وقرأ أهل مكة عَدُوّاً بالتشديد بمعنى أنهم اتخذوه عدوّاً. وفيه قولان:
أحدهما: لا تسبوا الأصنام فتسب عبدة الأصنام من يسبها، قاله السدي.
والثاني: لا تسبوها فيحملهم الغيظ والجهل على أن يسبوا من تعبدون كما سَبَبْتم ما يعبدون.
{كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: كما زينا لكم فعل ما أمرناكم به من الطاعات كذلك زينا لمن تقدم من المؤمنين فعل ما أمرناهم به من الطاعات، قاله الحسن.
والثاني: كذلك شبهنا لكل أهل دين عملهم بالشبهات ابتلاء لهم حتى قادهم الهوى إليها وعَمُوا عن الرشد فيها.
والثالث: كما أوضحنا لكم الحِجج الدالة على الحق كذلك أوضحنا لمن قبلكم من حِجج الحق مثل ما أوضحنا لكم.


قوله عز وجل: {وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ ءَايَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا} هؤلاء قوم من مشركي أهل مكة حلفوا بالله لرسوله صلى الله عليه وسلم لئن جاءتهم آية اقترحوها ليؤمنن بها، قال ابن جريج: هم المستهزئون.
واختلف في الآية التي اقترحوها على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن تجعل لنا الصفا ذهباً.
والثاني: ما ذكره الله في آخر: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِيراً أَوْ تُسِقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَينَا كِسَفَاً} إلى قوله: {كِتَاباً نَقْرؤُهُ} فأمر الله نبيه حين أقسموا له أن يقول لهم {قُلْ إِنَّمَا الأَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ}.
والثالث: أنه لما نزل قوله تعالى في الشعراء: {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُم لَهَا خَاضِعِينَ} قال المشركون: أنزلها علينا حتى نؤمن بها إن كنت من الصادقين، فقال المؤمنون: يا رسول الله أنزلها عليهم ليؤمنوا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، قاله الكلبي:
وليس يجب على الله إجابتهم إلى اقتراحهم لا سيما إذا علم أنهم لا يؤمنون بها، واختلف في وجوبها عليه إذا علم إيمانهم بها على قولين وقد أخبر أنهم لا يؤمنون بقوله: {وَمَا يُشْعُرِكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ}.
ثم قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُم وَأَبْصَارَهُم كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وهذا من الله عقوبة لهم، وفيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها عقوبة من الله في الآخرة يقلبها في النار.
والثاني: في الدنيا بالحيرة حتى يزعج النفس ويغمها.
والثالث: معناه أننا نحيط بذات الصدور وخائنة الأعين منهم.
وفي قوله: {أَوَّلَ مَرَّةٍ} تأويلان:
أحدهما: أول مرة جاءتهم الآيات.
والثاني: أن الأول أحوالهم في الدنيا كلها، ثم أكد الله تعالى حال عنتهم.


فقال: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً} فيه قراءاتان:
إحداهما: {قِبَلا} بكسر القاف وفتح الباء، قرأ بها نافع، وابن عامر، ومعنى ذلك معاينة ومجاهرة، قاله ابن عباس وقتادة.
والقراءة الثانية: بضم القاف والباء وهي قراءة الباقين، وفي تأويلها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن القُبُل جمع قبيل وهو الكفيل، فيكون معنى {قُبُلاً} أي كُفَلاء.
والثاني: أن معنى ذلك قبيلة قبيلة وصفاً صفاً، قاله مجاهد.
والثالث: معناه مقابلة، قاله ابن زيد، وابن إسحاق.
ثم قال: {مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ} يعني بهذه الآيات مع ما اقترحوها من قبل.
ثم قال: {إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ} فيه قولان:
أحدهما: أن يعينهم عليه.
والثاني: إلا أن يشاء أن يجبرهم عليه، قاله الحسن البصري.
ثم قال: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: يجهلون فيما يقترحونه من الآيات.
والثاني: يجهلون أنهم لو أجيبوا إلى ما اقترحوا لم يؤمنوا طوعاً.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13